روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

كلمة الحزب الشيوعي اليوناني في اللقاء اﻷممي للأحزاب الشيوعية و العمالية في لينينغراد حول الذكرى المئوية لثورة أكتوبر اﻹشتراكية (2-4 نوفمبر 2017)

ذيميتريس كوتسوباس الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني

 الرفاق والرفيقات الأعزاء ممثلو الأحزاب الشيوعية والعمالية،

إننا نشعر بتأثر خاص نظراً لتواجدنا هنا في لينينغراد، في اللقاء الذي يستضيفه الحزب الشيوعي في روسيا اﻹتحادية، بعد مرور  100 عام بالضبط على ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى.

إننا لا نزال ندعو بتروغراد، لينينغراد، أي باسمها الذي حظيت به تكريما لقائد الثورة ذات الأهمية التاريخية العالمية التي غيرت مصير الإنسانية و مسارها، مدشنة بداية نهاية همجية الرأسمالية و إشراق مجتمع جديد. و ذلك، تكريماً لمؤسس الدولة العمالية الجديدة، و أول جمهورية اشتراكية عرفتها البشرية، و ذلك، بمعزل عن توقف هذا المسار عام 1991 بعد وقوع أخطاء ونقاط ضعف مأساوية، سمحت بإعادة تنصيب الرأسمالية.

إن اعتقادنا هو ثابت بأن اﻷرض ستغدو حمراء في كل اﻷحوال، ستغدو حمراء من واقع الحياة والإبداع، و بأن الراية الحمراء سترفع مرة أخرى فوق لينينغراد وموسكو، و في سائر روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق، في أوروبا و آسيا و أمريكا، و أفريقيا و أوقيانوسيا، حول العالم.

إن الحزب الشيوعي اليوناني هو فخور لامتلاكه العزم يوم تنكيس الراية الحمراء من الكرملين، لرفع الهتاف عالياً، عبر صحيفته ريزوسباستيس : "فلنرفع الراية أيها الرفاق، إن اﻷمل هو في صراع الشعوب". 

 

19 IMCWP

 

الرفيقات و الرفاق،

تؤكد الدراسة التاريخية، كذا و الصراع الطبقي بعينه، استنتاجاً أساسياً عاماً: و هو أن الصراع على السلطة هو صراع واقعٌ موضوعياً في مرحلة تاريخية حيث تمثل الطبقة المتواجدة في السلطة،  تشكيلاً اجتماعياً اقتصادياً عفا عليه الزمن تاريخيا، في حين تمثل الطبقة المطالبة بالسلطة، القوة المحركة لتشكيل اجتماعي واقتصادي أرقى، جديد.

هذا و قد أثبت التاريخ أن الصدامات الطبقية هي عنيفة دائما في المجتمعات الطبقية، وذلك بالضبط، لأن معنى وجوهر السلطة  و المطالبة بها، يعنيان العنف والقسر. حيث تأتي اﻹنقلابات في سمة السلطة، حصراً عبر الثورات، أي عبر حركة جماهير تحت قيادة الطبقة الصاعدة في كل مرة و بإرشاد حزبها و ممثليها السياسيين. هكذا كانت كل الثورات البرجوازية و من ثم البروليتارية، و في عصر ما  قبل الثورات البرجوازية، كانت اﻹنقلابات تحضر أيضاً، من خلال الحروب والغزو والتفوق الحربي لقبائل و أعراق كانت قد امتلكت وسائل إنتاج أكثر تقدما.

و في سياق الصراع على السلطة، و كما هو الحال في تطور وهيمنة علاقات الانتاج الجديدة، لا تكون الحركة تصاعدية باستقامة نحو الأعلى، بل عبر منحى متعرج و مع قفزات و انتكاسات.

الرفيقات والرفاق،

مع امتلاكنا لوعي كل ما ذكر أعلاه، ينبغي علينا في الوقت نفسه ألا نسهو عن أكبر درس قدمته ثورة أكتوبر.

و هو القائل أن باستطاعة القوة الصاعدة، أي الطبقة العاملة، مع حركتها الثورية أن تقود قضية التقدم الاجتماعي، والانتقال من النمط القديم للإنتاج و لتنظيم المجتمع، أي من الرأسمالي، إلى الجديد، الشيوعي.

إن هذا ما حصل في أكتوبر في روسيا. فقد كُنِست في غضون وقت وجيز، تخلفات قرون، و فلول ما قبل الرأسمالية. حيث تحققت المكاسب في روسيا السوفيتية و من ثم في الاتحاد السوفييتي في ظل ظروف تدخلات إمبريالية، و تهديدات دائمة من المراكز الإمبريالية، و ظروف تقويض الإنتاج.

ما من فرصة لهم لإقناعنا بأن مصير السكان في مساحات  الإمبراطورية القيصرية الشاسعة، ومستوى السياسة العامة، لكان  على ما هو عليه اليوم،  لو لم تنتصر ثورة أكتوبر الاشتراكية، لو لم يكن بناء الاشتراكية قد بوشر. هذا و ينطبق الشيء نفسه على بلدان البناء الاشتراكي الأخرى، في أوروبا وآسيا وأمريكا.

و بغير إمكاننا قياس إنجازات الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، مع الوضع الحالي للطبقة العاملة في ظل الرأسمالية، كما أننا لا نستطيع قياس مستوى الرأسمالية في القرنين اﻟ21 و اﻟ 20  وحتى اﻠ19، مقارنة  بنظيره الذي أوجدته أولى العلاقات الرأسمالية المولودة حديثا في القرون السالفة، اعتباراً من القرن الرابع عشر في المراكز الحضرية في إيطاليا، على الرغم من تلقي هذه اﻷخيرةا لاحقاً، لانتكاسة كبيرة مدمرة.

إن تجربة البناء اﻹشتراكي تعطينا حصراً صورة اتجاه تطور المجتمع إجمالاً بقفزات، من أجل الصعود الهائل لمستوى الرخاء الاجتماعي. و من غير الممكن أن تنطبع صورتها في ظل أي ظرف من ظروف اليوم، حيث وصل العلم والمعرفة وقدرة العمل و إنتاجيته، موضوعياً،  إلى مستويات مختلفة. وبشكل أعم، يتستر النقد البرجوازي على تاريخ الاتحاد السوفييتي، مخفياً وقعة أننا كنا بصدد أولى الخطوات التاريخية لطور باكورة المجتمع الشيوعي.

و هذا ما ينبغي أن تعرفه على وجه الخصوص، الأجيال الفتية و شباب و شابات بلداننا، لكي لا يقعوا بسهولة في فخ التشويه المتعمد، الذي يجري دسه مع جرعة كبيرة من هالة العلم المزعوم. و ذلك بالتأكيد، لأن مختلف المؤرخين الذين يخدمون الرأسمالية اليوم، يعرفون أن اندلاع الحركة العمالية في جميع أنحاء العالم، كان يقف فوق أرضية صلبة ناتجة عن تأثير وهج مكاسب الاتحاد السوفييتي على مدى عدة عقود.

و مع كل هذا، نعلم نحن الشيوعيون أن واجبنا هو عدم السكوت عن أوجه قصور حركتنا، بل أن ننتقدها علنا، لكي نتخلص منها بشكل نهائي. و لذلك، فإن لقاءاتنا هذه، لا تتسع فقط للخطاب اﻷجوف الطنان و للكلام الكبير و هتافات "يعيش، يعيش"، بل تتسع أيضا لنشر وجهات النظر التي ستسهم في الفحص السليم للماضي، و أيضاً في التحديد الواضح للحاضر، لكي نتمكن من القيام  بالقفزة في المستقبل.

و لذلك، فإن خبرة أكتوبر لا تنضب و هي راهنية على نحو رئيسي. و نحو هذه الخبرة ينبغي أن يرنو كافة شيوعيي العالم، و بالطبع مع  أثرائها بخبرة الثورات الاشتراكية الأخرى التي تلتها، في ظروف تاريخية محددة بصرامة.

لقد أظهر انتصار الاشتراكية على الرأسمالية – كطور باكورة الشيوعية الغير ناضج -  اضطلاع الطبقة العاملة كالطبقة الحصرية الثورية حقا، بواجب تاريخي في تحقيق مهامها اﻷساسية حتى النهاية:

- إسقاط المستغلين و سحقهم، و الطبقة البرجوازية التي هي ممثلهم الاقتصادي والسياسي الرئيسي. سحق رد فعلهم، لجعل أي محاولة لهم لاعادة نير رأس المال، والعبودية المأجورة، ضربا من المستحيل.

- أن تستقطب الطبقة العاملة و تضع تحت القيادة الثورية للحزب الشيوعي، ليس فقط كامل البروليتاريا الصناعية، أو غالبيتها العظمى، بل أيضا كل جماهير العمال والمُستغَلين من قبل رأس المال والاحتكارات. لكي تنورهم وتنظمهم  و تربيهم من خلال مسار الصراع القاسي والصدام الطبقي مع المستغلين.

- وفي الوقت نفسه ينبغي عليها تحييد التذبذب الحتمي للشرائح الوسطى و صغار و متوسطي المزارعين والتجار والحرفيين، و المهنيين العلماء، كذا و موظفي الدولة، أي لقطاعات كبيرة العديد في جميع البلدان الرأسمالية، و جعل تذبذبها هذا، بين الطبقة البرجوازية و البروليتاريا و بين السلطة البرجوازية و العمالية، عديم الخطر.

- من المطلوب من أجل تحقيق النصر على الرأسمالية وجود علاقات صحيحة بين الحزب القائد للتغيير الثوري، أي الحزب الشيوعي والطبقة الثورية، الطبقة العاملة، كما و مع جميع العمال والمستغَلين. إن الحزب الشيوعي وحده، و إذا ما كان فعلاً  طليعة الطبقة، و إذا ما كان مؤلفا من شيوعيين مخلصين فولذتهم و ثقفتهم خبرة الصراع الطبقي الثوري، و إذا ما كان الحزب الشيوعي قد تمكن من الارتباط بحياة الطبقة و من خلالها، مع جمهور كامل من المُستغَلين وتمكن من إلهامهم و حيازة  ثقة هذه الطبقة و جماهير الشعب، فعندئذ فقط، قمين هو حزب كهذا بقيادة الجماهير في الصراع الحاسم ضد الرأسمالية والإمبريالية.

-  و حصراً تحت إرشاد حزب مماثل ستكون البروليتاريا قادرة على تطوير كل قو ته الهجومية الثورية، للقضاء على مقاومة الأرستقراطية العمالية المُفسدة من قبل الطبقة البرجوازية، والنقابيين التوافقيين الاصلاحيين الذين باعو ذممهم، و أن تصل حتى النصر. حيث باستطاعة العمال وغيرهم من الشرائح الشعبية التي تحررت من العبودية الرأسمالية، حصراً، تطوير كل المبادرة والنشاط من خلال مؤسساتهم الجديدة المولودة ثورياً، على غرار انتظام  العمال للمرة الأولى في التاريخ ضمن سلطتهم العمالية في سوفييتات روسيا، و أن يحققوا مشاركتهم الفعلية في الحكم، و هي التي كانوا مستبعدين عنها خلال فترة السلطة البرجوازية، على الرغم من الأوهام التي تزرعها الاخيرة بصدد المشاركة. حيث تتعلم الطبقة العاملة فعليا بناء اﻹشتراكية، من ذات خبرتها من خلال المشاركة في هيئات السلطة من الأسفل إلى الأعلى، مع خلق انضباط طوعي اجتماعي جديد، و تصوغ لأول مرة في التاريخ، اتحاد بشر أحرار، و عمال المجتمع الجديد دون استغلال الإنسان للإنسان.

- إن استيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية لا يوقف الصراع الطبقي ضد الطبقة البرجوازية، بل على العكس. وهو ما يجعل هذا الصراع "واسع النطاق وحاداً دون هوادة"، كما أشار لينين. و ينبغي علينا أن نحفظ كقرة العين هذه اﻹشارة و أكثر  من ذلك، التجربة التاريخية الموثقة من قبلنا جميعا، و هي القائلة بأن كل عدم التزام أو  قصور نظري و فكري سياسي عام، عن فضح التحريفيين و الانتهازيين و الاصلاحيين، بإمكانه زيادة خطر إسقاط السلطة العمالية من قبل الطبقة البرجوازية، التي ستستخدم هؤلاء في الغد، كما فعلت في أحيان ليست بقليلة من أجل الثورة المضادة.

- إن صياغة استراتيجية ثورية من قبل كل حزب في بلاده، كما و قيام هذه المحاولة من قبل الحركة الشيوعية الاممية، هو عبارة عن مقدمة أساسية من أجل مسيرة ظافرة حقا. حيث ينبغي أن تشكل الاستفادة من الخبرة الواسعة للبلاشفة في هذا الاتجاه، منارة هداية مضيئة، مع إثرائها طبعا من تجربة كل الثورات الاشتراكية، وتجربة كل حركة ثورية في بلادها. و يجب أن نتفكر على نحو جوهري حول سبب  عدم استيعاب و هيمنة هذه التجربة لاحقاً، حيث سادت و اعتمدت معايير  أخرى خاطئة لتحديد سمة الثورة.

- و يتمثل واجب كل حزب شيوعي اليوم، نظراً لوجودنا و بالضبط  في مرحلة نكسة إجمالية، و ميزان سلبي للقوى دوليا، وفي كل منطقة على حدة، في وجوب تشديد إعداد الطبقة العاملة في كل بلد على أساس يومي مع عمل أيديولوجي سياسي قاس و نشاط طبقي، من أجل لحظات الطفرة الثورية القادمة. لأن عصرنا لا يزال عصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية. إن عصر  إسقاط الرأسمالية افتتح في أكتوبر 1917، حيث تم رسم الطريق، و بدأ عصر الثورات الاشتراكية. و لهذا تتردد على أسماعنا كلمات لينين الراهنية ذات الصلة، بأن البداية حصلت، ولكن في أي بلد، و بروليتاريا أي بلد ستنهي هذا الطريق، ليس هذا بالمسألة الرئيسية. و لهذا فنحن لا نتراجع عن قولنا و لا نتقهقر. و لذا  فإن  قناعتنا العميقة تقول بوجوب إنهاء هذا الطريق.

الرفيقات و الرفاق،

تلاقي ذكرى اﻟ100 عام لثورة أكتوبر الاشتراكية، الحركة الشيوعية الأممية، منقسمة بنحو عميق، مع صعوبات  كبيرة، و هي تقف بحرج، إذا ما رأيناها إجمالاً، و ذلك على الرغم من الخطوات الإيجابية الجانبية الجارية في كل بلد على حدة،  و قيام محاولات من جانب قيادات طليعية كثيرة و منظمات في بلدان مختلفة، و التي من غير الممكن إنكارها.

إن وحدة الحركة الشيوعية اﻷممية ينبغي أن تستند في القرن الحادي والعشرين إلى مسلَّمات محددة ضرورية، لا تتزعزع.

1. نظريتنا هي الماركسية - اللينينية والأممية البروليتارية. حيث لا يُستعاض عن دور الحزب الشيوعي. إن الاشتراكية راهنية وضرورية أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية. إن ضرورة و راهنية الاشتراكية، و سمة ثورة عصرنا كاشتراكية، لا تعتمد على ميزان القوى الوقتي.

2. لقد فقدت الطبقة البرجوازية حتى قبل ثورة 1917 دورها الدافع، و هي متواجدة في عصر رجعيتها  عصر الرأسمالية الاحتكارية، أي الإمبريالية، حيث توجد الرأسمالية في مرحلتها الأخيرة، حيث هي رأسمالية قيد التعفن. و كما أظهرت في كل اﻷحوال تجربة أكتوبر، فليس هناك مجال لأي تعاون - تحالف مع الطبقة البرجوازية، و مع بعض قطاعاتها، باسم الدفاع عن الديموقراطية البرجوازية أو تجنب بعض "القوى المؤيدة للحروب". فالطبقة البرجوازية و سلطتها ككل، تقوض وتقمع حقوق العمال و مكاسبهم وتهيئ لشن الحروب، أيضاً عبر "معاهدات سلمها". إن تحالف الطبقة العاملة مع المزارعين الفقراء والتجار و الحرفيين العاملين لحسابهم الخاص، هو منظور ترسيخ الصراع ضد الرأسمالية و الاحتكارات و من أجل الاشتراكية.

3. إننا نجيب على سؤآل: إصلاح أم ثورة؟، ثورة،  لأنه من غير الممكن أنسنة أي هيئة من هيئات السلطة البرجوازية. لقد فشل خط الاشتراكية الديمقراطية منذ بداية القرن الماضي، حتى اليوم فشلا ذريعا، و سبب ضررا كبيرا، و أوصل الحركة الشيوعية الثورية نحو الهزيمة، و دمج قوى عمالية في نظام الرأسمالي الاستغلالي، وأدى إلى رمي قوى تقدمية و كفاحية مؤمنة بالتطور الاجتماعي، "خارج الخدمة".

4. لقد أظهر بناء الاشتراكية، باعتبارها طور باكورة المجتمع الشيوعي، ماهية الحتميات التي ينبغي أن تعيها الطليعة الثورية، و ألا تنتهكها، لكي تقضي بنو واع و مخطط على براعم الثورة المضادة. وبشكل أكثر تحديدا، نظرية و ممارسة "الاشتراكية السوق" المدمرة لمنظور و  بناء الاشتراكية، سواء أكانت تبرر التسامح مع العلاقات الرأسمالية أو تدعم على الأجل الطويل الإنتاج السلعي الصغير، أو تتبنى التوزيع الطويل اﻷجل للمنتوج الاجتماعي عبر شروط تجارية. حيث تقوض جميع الحالات الثلاث، كل على حدة و معا، التخطيط المركزي، والطابع الاجتماعي المباشر للإنتاج، والطابع الاجتماعي لملكية وسائل الإنتاج، مما يؤدي في النهاية إلى تقويض سلطة العمال، و إعادة خلق و تطوير  و تعزيز قوى اللثورة المضادة، الانقلابية. و على هذا النحو، بدلا من انتصار الشيوعية، كنا بصدد العودة إلى الرأسمالية، كما حدث أخيرا، عبر المَعلم البارز في عام 1991.

5. إن صيغ و أساليب حدوث هذا الانتكاس ليست ذات أهمية كبيرة جدا. فقد حدث ذلك في الاتحاد السوفييتي السابق تدريجيا من خلال انزلاق انتهازي مع مرور الوقت بدءا من عام 1956 و هو الذي اندلع  بعنف عام 1991، عبر التفكيك النهائي للاتحاد السوفييتي وللحزب الشيوعي السوفييتي وصعود قوى رأسمالية جديدة نحو السلطة مع ممارسة السلطة في صيغة الديمقراطية البرلمانية البرجوازية . و باﻹمكان حصول ذلك في أماكن أخرى تدريجيا، مع الحفاظ على سلطة الحزب الشيوعي، ولكن مع مسيرة واضحة نحو إعادة تنصيب الرأسمالية وتوطيد علاقات الإنتاج الرأسمالية. و ذلك على الرغم من ماهية مظهرها الحالي و اﻹعتقاد بأن  بأننا بصدد حل تكتيكي مؤقت، و حتى هناك حيث لم تغدو بعد العلاقات الرأسمالية، مهيمنة، فسرعان ما سوف تهيمن، جالبة موجة جديدة من الارتباك والإحباط في صفوف الطبقة العاملة والقوى الشعبية. إن هذا الخط هو بداية الموت لمنظورنا. إن التجربة التاريخية تبين لنا أن معظم المشاكل التي ظهرت في مسار عملية البناء الاشتراكي، فُسرت بنحو خاطئ على أنها وجوه ضعف تعود لطبيعة هذا البناء، و للتخطيط المركزي. حيث سُعي نحو الوراء لإيجاد الحل، أي نحو توسيع السوق بدلا من التطلع إلى توسيع وتعزيز علاقات الإنتاج الشيوعية.

6 . إننا اليوم في القرن الحادي والعشرين، حيث تسيطر الرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية، عالمياً. و لربما يتمثل وجود  بقايا علاقات الماضي الاشتراكية الباقية على قيد الحياة في بعض البلدان، فقط في تذكيرنا بأن هذه البقايا تلفظ الأنفاس اﻷخيرة للمحاولة الأولى لبناء الاشتراكية التي بوشرت عام 1917 واستمرت في مختلف البلدان خلال مدى القرن اﻟ20. و في نهاية المطاف، من غير الممكن في إطار نظام اجتماعي جديد أرقى، كما هي الاشتراكية – الشيوعية، أن يتعايش و لفترة طويلة،  نمطان  جوهريان لعلاقات الإنتاج، عبر عدة أشكال: أي عبر علاقات رأسمالية استغلالية وتلك التي من شأنها أن تقود لإلغائها، أي الاشتراكية. فإما أن تسود اﻷولى أو الثانية.  هذا و قد أظهرت نظريتنا الكونية وتجاربنا التاريخية أن تعايشهما ليس سوى مطية للثورة المضادة.

7 . وفي ظل هذا الوضع المعقد، تتفاقم المزاحمات الإمبريالية البينية. و التناقضات الكبيرة حول اقتسام الأسواق، و التحكم بمصادر الثروة، و مسارات نقل الطاقة والسلع والسيطرة الجيوسياسية، و ترقية مستوى كل بلد في منطقتته وعلى نطاق أوسع. حيث تنشأ تحالفات جديدة و تكتلات قوى تؤدي إلى تشكل محاور و محاور مضادة، مما يزيد من مخاطر الاشتباكات الحربية ليس فقط محليا وإقليميا، بل و من احتمال تعميم نشوب حرب امبريالية. و نعتقد أن المؤكد في كل اﻷحوال، هو  استمرار الحروب والصدامات المحلية، و تورط القوى الإقليمية على نطاق أوسع والمراكز الإمبريالية الأخرى، عبر التورط العسكري المباشر،  و عبر الحرب الدبلوماسية أو السياسية أو الاقتصادية و غيرها.

8. و ضمن هذا الصدام، لا يمكن أن تقف الحركة الشيوعية اﻷممية و كل حزب شيوعي بموقف المرتبك. بل عليها أن تصوغ خطها للمعركة في كل بلد وقارة ودولياً. هو خط إطاحة الهمجية الامبريالية، التي تجلب الأزمات الاقتصادية والفقر والبطالة والحروب أو "السلم" مع وضعها للمسدس في رأس الشعوب. حيث يجب أن يتم ذلك من خلال دراسة التجربة التاريخية أيضاً، و القيام عن وعي بنبذ الدراسات الخاطئة التي تعود لعقود سابقة و التي أدت إلى إخراج اﻷحزاب من سياق الكفاح و تسببت بحرج أكبر، عدا عما سببته من عدم نجاعة القوى الثورية في المجتمع. حيث من المطلوب من كل حزب شيوعي علاج خط فك اشتباك  لبلاده و شعبه من التدخلات والحروب الامبريالية، مع الدفاع عن الحقوق السيادية في كل بلد، هو خط هزيمة الطبقة البرجوازية المعتدية على غيرها، و هو في الوقت ذاته خط القطع مع الطبقة البرجوازية المحلية، خط انقلاب يقود إلى السلام والازدهار الحقيقي للشعب، لا إلى العودة باسم المصلحة الوطنية، إلى وضع سابق يتمثل ما يفعله حصراً، في  إعداد أزمات جديدة و تدخلات و حروب جديدة.

و ذلك، مع معالجة و عرض الشعارات المناسبة في الوقت ذاته و التي من شأنها تسهيل وتصعيد الصراع الشعبي، لتعد القوى لكيما  توجَّه الجماهير العمالية الشعبية المنتفضة خلال ظروف الحالة الثورية، نحو صدام ظافر و إسقاط السلطة الرأسمالية، للاستيلاء على السلطة.

9. حيث من المستبعد ظهور ديناميكية كهذه، باعتبارها واحة حصرية في بلد واحد على حدة. إن هذا النقاش حول ما يجب علينا القيام به حينها، يجري الآن في الساحات، في مظاهراتنا، في تحركاتنا الاضرابية في المدن والقرى والمصانع و مواقع العمل والكليات الجامعية والمدارس في جميع دول العالم،  حيث يبث البرجوازيون و الانتهازيون في كل مكان معضلة تقول:" كيف سنستطيع لوحدنا، ليس ذلك واقعياً". إن إسكات كل هؤلاء، وتفنيد الانهزامية و القدرية، لا يمكن أن يأتي إلا من جانب الحركة الشيوعية، أي منا نحن، من جميع الذين آمنوا بتطلعات و صراع أكتوبر، و بالماركسية اللينينية.

10. إن سلاحنا هو الأممية البروليتارية، و نضالنا المشترك، و تضامننا الطبقي و الرفاقي اللازم في مواجهة الانعزالية القومية والمسكونية الإمبريالية. إن مبدأ اﻷممية البروليتارية هو أيضا رسالة كبيرة في الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى. فبدون التعبير عن هذا التضامن الأممي و بنحو عملي من قبل جميع الشعوب تجاه الثورة والسلطة السوفيتيين آنذاك، لربما لم يكن  بمقدورها الإنتصار.

إن هذا درس واستنتاج ثمين.

الرفاق و الرفيقات،

إن الحزب الشيوعي اليوناني، مثله مثل غيره من الاحزاب الشيوعية، ولد وتطور تحت تأثير ثورة أكتوبر الاشتراكية. و هو يكمل عام 2018،  100 عام من حياته و نشاطه البطوليين. و  يركز اهتمامه على واجباته الأممية وكما هو معروف فقد قدم طلبا لاستضافة اللقاء اﻷممي اﻟ20 المقبل للأحزاب الشيوعية و العمالية، عام 2018، في أثينا، في المدينة حيث بدأت لقاءاتنا الأممية.


أيها
الرفاق،

فلنرفع  علم  الاشتراكية – الشيوعية، اﻷحمر عالياً!

فلنرفع راية  الماركسية اللينينية، عالياً!

يا عمال العالم اتحدوا!