روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس جيش اليونان الديمقراطي 1946-1949

نستلهم و نتعلم من تاريخ اﻠ 100عام للحزب الشيوعي اليوناني، و من ملحمة جيش اليونان الديمقراطي ذات السنوات الثلاث

 تكرم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، كما و الحزب بأكمله و الشبيبة الشيوعية اليونانية، هذا العام الذكرى اﻠ70 لتأسيس جيش اليونان الديمقراطي (ΔΣΕ).

كان عام 1946، هو العام الذي وقعت فيه أحداث هامة، ترتبط ارتباطا وثيقا بتأسيس جيش اليوناني الديمقراطي، مثل:

● انعقاد اجتماع الجلسة العامة الثانية للجنة المركزية لحزب الشيوعي اليوناني (12-15 شباط/فبراير 1946)  الذي أجري بعد مرور عام بالضبط، على توقيع اتفاق ﭬاركيزا (12 شباط/فبراير1945)، و كان اجتماع الجلسة العامة الثانية، هو الذي أقرَّ حتى و عِبر تناقضات تخللته، مباشرة الكفاح المسلح.

● هجوم جماعة متمردين على محطة الدرك في ليتوخورو، في ليلة 30-31 آذار/مارس، 1946، يوم إجراء الانتخابات البرلمانية.

● تأسيس القيادة العليا لحرب المتمردين (28 تشرين الأول/أكتوبر 1946)، والتي هي في الأساس تاريخ تأسيس جيش اليونان الديمقراطي. حيث اعتمدت تسميته الرسمية يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 1946، عبر إصدار أمر من القيادة العليا للمتمردين، الذي حدد "تسمية قوات المتمردين: جيش اليونان الديمقراطي".

و تلاقي ذكرى تأسيسه اﻠ70، الحزب الشيوعي اليوناني في وقت يشن كفاحاً ثابتاً حازماً، من أجل مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، و من أجل تحالفها و إعادة تنظيم الحركة العمالية، في ظل ظروف الثورة المضادة التي  سادت خلال الفترة 1989-1991، كما و في ظروف الأزمة العميقة الحالية للحركة الشيوعية الأممية.

حيث تخلق هذه الظروف صعوبات إضافية في الكفاح. و تؤثر على نحو يشلُّ و يضلل أمزجة القوى العمالية الشعبية، و ذلك على الرغم من واقع الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العميقة و المديدة في اليونان، كما و تمظهرها المتزامن في جميع أنحاء العالم في عام 2008، و خطى الانتعاش المتذبذبة و وقوع بوادر أزمة متتالية لاحقة،  تكشف عن مأزق الرأسمالية، و عن طابعها الذي عفا عنه الزمن تاريخياً.

و ضمن ميزان القوى السياسي السلبي عالمياً، بالنسبة للحركة الشيوعية والشعوب، خاض الحزب الشيوعي اليوناني ويخوض معارك اجتماعية وسياسية قاسية، بعد إعادة تشكيله فكريا وسياسيا وتنظيميا، و صياغته استراتيجية ثورية في الظروف المعاصرة، و بعد تعزيزه لسماته الشيوعية.

و كان الحزب الشيوعي اليوناني قد نشر جذوره و بعمق ضمن صفوف الشعب، على نحو أولي خلال النضالات الطبقية القاسية قبل الحرب العالمية الثانية، ولكن و على وجه الخصوص، خلال النضالات الدامية على مدى عقد 1940، التي يحتل ضمنها مكانة بارزة، كل من ارتقى من رجال و نساء في معارك الجبال و أمام فرق الإعدام (في موقع غوذيس، و بافلوس مِلاس و غيرها)، و في سجون (إغِنا و غيرها)، و في معسكرات الاعتقال (كمعسكر جزيرة ماكرونيسوس و غيره)، و في مواقع المنفى.

وكانت جميع هذه النضالات و لا سيما النضال الطبقي لجيش اليونان الديمقراطي، قد شكلت عامل قوة كبير لإدراك المسؤولية الشيوعية، و بقاء الحزب الشيوعي اليوناني منتصب القامة خلال الثورة المضادة في الفترة 1989 - 1991، ليستمد القوى، ليحافظ على استمراريته التاريخية، و يواجه الهجمة التفكيكية التي شنتها الانتهازية التكتلية، التي كانت قد اندمجت مع قوى اشتراكية ديمقراطية أخرى ضمن "ائتلاف اليسار والتقدم- المعروف بالسيناسبيسموس".

وفي الوقت نفسه، يمتلك الحزب الشيوعي اليوناني قناعة،  بأن القيمة الحقيقية و الجوهرية في تاريخ جيش اليونان الديمقراطي وعموما في مسيرته المئوية التاريخية البطولية، كحزب شيوعي، تكمن في كِلا استخلاصه للعِبرة من هذه المسيرة و لاستنتاجات تعزز الصراع الطبقي اليوم و النضال من أجل الاشتراكية - الشيوعية.  و لهذا السبب و بالضبط، تقف دراسة تاريخ الحزب الشيوعي اليوناني النقدية على نقيضٍ من أدبيات الأخطاء. ولكنها ترفض أيضاً، التجميل الانتهازي الرافض لاستخلاص الاستنتاجات من الماضي التاريخي.

هذا و شكَّلت دراسة تاريخ الحزب الشيوعي اليوناني والحركة الشيوعية الأممية، مدداً ثميناً لحزبنا من أجل صياغة استراتيجيته. حيث يتمثل معيار الدراسة التوجيهي في التحليل العلمي للواقع الرأسمالي، و هو الذي يشكل ضماناً لكي لا تقود المسافة الزمنية للأحداث التاريخية، إلى انتقاد يجري من موقع آمن، بعيداً عن جملة العوامل التي صاغت هذه الأحداث.

و لا يخفي الحزب الشيوعي اليوناني، نقاط ضعف العامل الذاتي، التي أثرت سلبا على نتائج كفاح جيش اليونان الديمقراطي. و يعتقد الحزب بأن إعادة كل المشاكل التي حضرت إلى أسباب موضوعية، و تجميل سياسة الحركة الشيوعية الأممية، هو أمرغير صائب و مضللٌ، و غير علمي في المقام الأول. 

إن كفاح جيش اليونان الديمقراطي لثلاث سنوات، كان كفاحاً عادلاً بطولياً و عظيماً.  

و كان يعبر عن مصالح الغالبية العظمى من السكان ضد مصالح مستغليها ومضطهديها. عبَّر عن مصالح الطبقة العاملة و عن قوتها الحليفة الأساسية، أي الفلاحين المُفقرين والشرائح الفقيرة من صغار كسبة المدن. حيث عاشت حينها سلطة الدولة البرجوازية أكبر خطر على وجودها. إن كفاح جيش اليونان الديمقراطي يشكِّل التعبير عن ذروة الصراع الطبقي في اليونان خلال القرن العشرين.

إن الحزب الشيوعي اليوناني فخور بجيش الأبطال الذي رباه. حيث منح الآلاف من الشيوعيين والشيوعيات آخر قواهم، لتجسيد ملحمة جيش اليونان الديمقراطي، حيث كانوا يحاربون و يمشون ليلاً و نهاراً، و في كثير من الأحيان دون طعام، مع العديد منهم حفاة على الجليد و ضمن العواصف.

إن النشاط و نكرات الذات الذي أبداهما عشرات الآلاف من قتلى مقاتلي و مقاتلات جيش اليونان الديمقراطي و جرحاه و المعتقلين بسبب نشاطهم فيه و من أجل قضيته وجميع أولئك الذين أبلوا بلاءاً حسناً في كفاحه المسلح في اليونان و خلال لجوئهم السياسي، هي أمور تعلّم و تربّي و تنمي عقيدة سياسية و أخلاقية. حيث كان معظم مقاتليه من الشباب، المنتظم في صفوف شبيبة اليونان الديمقراطية و منظمة الشبيبة اليونانية الموحدة، الذين شكلوا حوالي 80٪ من مجمل قوة جيش اليونان الديمقراطي.

و يكرِّم الحزب الشيوعي اليوناني يكرم جميع الذين و اللواتي، قاتلوا ببسالة في مواقع غرامُس و فيتسي و إيبيروس و ثِساليِّا و رومِلي و بِلوبونيسوس و مقدونيا و ثراكي،  و في كريت وجزر البحرين: الأيوني و إيجه، أينما : "شكلت و نشطت قوى جيش اليونان الديمقراطي. "

لقد واجه جيش اليونان الديمقراطي الطبقة البرجوازية المحلية، و كل القوى السياسية ( من"اليمين" و "الوسط")، و واجه دولتهم و قواهم الحليفة، أي دولتي بريطانيا والولايات المتحدة، الرأسماليتين. حيث لم يكن بإمكان الطبقة البرجوازية في اليونان أن تنتصر، دون الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي المقدم لها من هاتين الأخيرتين.
و نموذجية على ما ذكر، هي معركة موقع غرامُس الأخيرة ، حين نشر جيش اليونان الديمقراطي خلالها حوالي 12500مقاتل ومقاتلة، بأسلحة خفيفة، في حين يقدر بأن الجيش الحكومي، قابله بما يزيد عن 100ألف رجل، مع امتلاكه ﻠ 120 رشاش، و الكثير من المدرعات و مجمل قوة الطيران الحربي. حيث تزيد هذه المواجهة الطبقية غير المتكافئة، على نحو أبعد من قيمتها الأخلاقية و السياسية و من قيمة ميراث جيش اليونان الديمقراطي.


كان جيش اليونان الديمقراطي، جيشاً شعبياً.  و قد استند في خبرته التنظيمية الحربية على كفاح جيش التحرير اليوناني الشعبي ΕΛΑΣ[1]، ضد الاحتلال و على خبرة كانون الأول/ديسمبر1944  الحاسمة موضوعياً، و هما الخبرتان اللتان خلفتا ميراثاً كفاحياً عظيماً في الوعي الشعبي، و في أشكال التنظيم والكفاح.

و تمثلت قوة جيش اليونان الديمقراطي الكبيرة، في الروابط التي تربطه بالشعب، وخاصة في مناطق اليونان الحرة[2]. حيث كانت الجماهير الفقيرة هي من أمدَّته بكافة أنواع المساعدة: أي بالعديد البشري والمواد الغذائية والملابس، و في المساعدة في بناء التحصينات، و جمع المعلومات، وتنظيم الميليشيا الشعبية. حيث وجدت هذه الجماهير في جيش اليونان الديمقراطي وفي روابط تنظيم الحياة الإجتماعية المنبثقة عن الشعب (المجالس الشعبية، الميليشيا الشعبية، المحاكم الشعبية) في مناطق سيطرة جيش اليونان الديمقراطي، دعامة لها و قوة لمواجهة مشاكل شعبية عديدة مثل حماية أطفالهم و خلاصهم من القصف والاستعباد، و تمكينهم من التعليم عن طريق إنشاء المدارس. و لهذه الأسباب، شرعت الدولة البرجوازية بعملية تهجير قسري لمئات آلاف السكان من قراهم ممن سمتهم بهتاناً حينها، ﺒ" ضحايا المتمردين"، بغرض عزل جيش اليونان الديمقراطي عن مصادر قوته الأساسية.

و على نقيض الجيش البرجوازي، كانت ميزة جيش اليونان الديمقراطي، تتمثل في الكفاح من أجل حق الشعب و في نكران الذات والانضباط الواعي. فقد جَمَع بين التطبيق الكفاحي للأوامر مع ديمقراطية جلسات الإجتماعات على مختلف المستويات، و مورس النقد تراتبياً، من الرتب الدنيا نحو العلياً و بالعكس، و كان يجري تقييم العمليات العسكرية، بواسطة روح موقف نقدٍ ذاتي.

و كان جيش اليونان الديمقراطي قد أبرز  الآلاف من القادة العسكريين في جميع مرتباته، مثل: يانِّيس الكسانذو (ذيامانديس)، خاريلاوس فلوراكيس (يوتِّيس)، نيكوس ترايندافيلُّو،  ستيفانوس ﮔﻳﻮزِلِّيس، بانوس زاراس، كوستاس كارايورغيس، يانِّيس ﭙوذياس، كوستاس كولييَّانيس (أرﭬانيتيس)، ثاناسيس ﮔﻨﯿوس (لاسانيس)  ﭙاندِليّس ﭬايناس،  يورغوس إيلياذيس (سُفيانوس)، نيكوس ثيوخاروﭙولوس ( سكوتيذاس) تاسوس ﭙيتساس، روماس بِتسوس، يورغيس ﭬوغياس (كارتسيوتيس)، أندونّيس أنغلولِّيس (ﭬراتسانوس)، كوسماس سبانوس (أمينتاس)، يورغوس يانولِّيس، ثوماس ﭙالاس (كوتزاكياس)، ذيميتريس يانَّاكوراس (ﭙرذيكاس)، ﭙوليخرونيس ﭬايس (أخيلياس ﭙِتريتيس)، إيليَّاس أﻟِﭬراس، كوستاس كسيذيياس، ميخاليس باباذامُس (فِرييوس)، مانوليس ستاثاكيس، أريستوس كامارينوس، كوستاس تسولاكيس، ثيميوس كاﭙسيس (أنابوذوس)، يورغوس يورغياذيس، فوتيس سغوروس، غِراسيموس غريغوراتوس (أسترﭙويانوس).

و يُشدَّد على دور كليات تخريج ضباط جيش اليونان الديمقراطي في ترقية كوادره العسكرية، و هي التي أسهمت أيضا في تنمية قدراته القتالية.

حيث خدم في صفوف جيش اليونان الديمقراطي، ضباط أتوا من الجيش البرجوازي، مثل:  يانِّيس مالاغاريس، يورغوس ساماريذيس (لوغوثِتيس)، يانِّيس كيليسمانيس، ستِفانوس بابايانَّيس، كوستاس كانِلُّبولوس، باﭬلوس توبوليذيس،  نيكوس تِرزوغلو (بيراﭬلوس)،  ثوذوروس كالينوس (أماربيس)، كوستاس باسكيذيس، خريستوس ستِفوبولوس، ذيميتريس تسيتسيبيس، ثيوذوسيس زيرﭬاس، ﭬاسيليس ﭬِنِتساتنوبولوس، يورغوس كاليانِستيس (مِسينيس)، يانِّيس مانياس، ذيميتريس كوكوراس، ثيميوس زولاس، يوروغوس كاتِميس، كوستاس أندونوبولوس (كرونوس)، ألِكوس بابايورغيو، يورغوس كوندالونيس.


و كان دور المفوضين السياسيين، قد مثَّل عاملاً حاسماً في عمل جيش اليونان الديمقراطي، و في إلهام المقاتلين والمقاتلات و تحفيزهم و تربيتهم على الموقف السياسي تجاه السكان المدنيين، كما و أيضا تجاه جنود الجيش البرجوازي.

حيث برز العديد من المفوضين السياسيين. و على وجه الدلالة، نذكر منهم :نيكوس بلويانِّيس، يانِّيس سالاس، فاﻨﮔيلِّيس روﮔاكوس، يورغيس إرثرياذيس (ﭙتريس)، ميتسوس ﭬامفاكاس، ليونيذاس سترﯿﮔوس، نيكوس كاناكاريذيس (لامبروس)، كوستاس لولِس، كوستاس لاوتاريس،يورغوس كلاينوس، نيونيوس ترايفوروس، بانايوتِّيس إيفانديس (إيراكليّس)، كوستاس كاركانيس (تاكيس)، نيكوس كليافاس، ﭙتروس إيوسيفيذيس، سونيا إلِفثِرياذو، رويذي ميخالاكيس، كاتينا- تسفِتا أنذريوبولو، أندونيس أندونياذيس (سيموس)، أرِستيذيس ثيوخاريس، خريسولا ﮔوﮔولو، يانَّنا تريكالينو، مانولِّيس فراﮔياذاكيس، ماريا ﭬِليو (ﭙاراسكِفوللا)، ذيميتريس كيرلاس، مِلبومِني ذيمانوبولو، أثاناسيَّا كالايتزيذو.

و كان العمل الأيديولوجي والسياسي في جيش اليونان الديمقراطي، يخدم هدفه العسكري السياسي.
هذا و كان لافتاً نشاط النشر ذي الصلة. حيث كانت تصدر منشورات: "إكسورمِسي"، "ﭙروس تي نيكي"، "ذيمُكراتيكوس ستراتوس"، "نيوس ماخيتيس"، "أغروتيكوس أغوناس"، "ماخيتريا"، "أغونيستريا"، وغيرها. و إضافة إلى  المطبعة المركزية لجيش اليونان الديمقراطي، كانت كل قيادة فرقة، تصدر نشرة أخبار يومية و صحيفة. كما و كانت تصدر صحف مخصصة بلغة سلافيي مقدونيا و مسلمي تراقيا.

وعلاوة على ذلك، كانت يجري خلال هذه الفترة تداول سري : في أثينا وبيرياس، لصحيفة "ريزوسباستيس"، و في ثِسالونيكي، ﻠ"لايكي فوني" و  في فولوس "لِفتريا" و  في لاريسا "لايكي فوني". و كانت صحف حزبية سرية تنشر في مناطق أخرى، مثل صحيفة "مورياس" في بيلوبونيسوس، و "ﮔينايي" في ساموس، وغيرها.

كما و شكلت أيضا، مطبعة "إلِفثِري إللاذا"، التي أصدرت مئات الكتب مع آلاف من النسخ. و كانت محطة إذاعة "إلِفثِري إللاذا" قد باشرت بثها، اعتباراً من شهر تموز/يوليو 1947 بداية من بلغراد ثم من بوخارست، تحت مسؤولية حزبية لأفروذيتي نوذارا (إيليني ماكري)، مع المحررين: يورغيس أﻨﮔوراكيس (أليكوس بسيلوريتيس)، بيريكليس كالوذيكيس، ذيميتريس خاتزيس، ماريانا ﭬياكي، و المذيعين: تاكيس ليفاذاس و ياننَّا كالوذيكي.

و تمظهر التنوير عبر صيغة، دروس أيديولوجية و دورات و محاضرات و خطابات موجهة نحو مقاتلي و مقاتلات جيش اليونان الديمقراطي، والتي ركزت على رفع الروح المعنوية و أيضا على إبلاغهم بالتطورات السياسية الراهنة ومهام جيش اليونان الديمقراطي. و إضافة لذلك، كان تجرى دورات دروس حول برنامج الحزب الشيوعي اليوناني و نظامه الداخلي.

و كانت تشكيلات من جيش اليونان الديمقراطي، تلقي بالمنشورات في القرى و المدن، أو تقوم بإلصاق الجداريات و مكبرات الصوت، للتواصل مع جنود الجيش البرجوازي، لدعوتهم لعدم القتال ضد الشعب المناضل.
و على وجه الخصوص، أثناء ذكرى المناسبات، كما و كلما سمحت الظروف بذلك، كانت تنظم في مختلف قطاعات جيش اليونان الديمقراطي و في المناطق المحررة، أمسيات ترفيهية تتضمن تمثيليات مسرحية، و تلاوة القصائد و تقديم الأغاني. و كانت قد نظمت فرقة مسرح و ورشة سينمائية.

و شُكِّل بغرض تنظيم وتسيير التنوير السياسي، مكتب ذي صلة  في القيادة العامة لجيش اليونان الديمقراطي.

حيث يذكر من بين المشاركين في هذا المكتب، على وجه الذكر: تاكيس ماماتسيس، بانايوتِّيس مافروماتيس، زينون زورزوﭬيليس، باريسيس أﻨﮔليذيس، ﭬاسوس يورغيِّيو، نيكوس سيمتزيس، ﭙاسخاليس ﭙاسخالِفسكي، أﭙوستولوس ﺳﭙيليوس.

و كانت مشاركة النساء هامة في نشاط جيش اليونان الديمقراطي، حيث شكلت النساء حوالي ربع إجمال قوته.  
و كانت ألف وسبعة وعشرين (1027) من النساء، قد رُقّين إلى رتبة ضابط وصف ضابط في جيش اليونان الديمقراطي.
و في أواخر عام 1948، كانت النساء تشكلن نسبة تتجاوز اﻠ 20٪ من تركيبة الهيئات الشعبية.
و في حين كان يسود في ظل ظروف يونان ذاك الحين، و على نطاق أوسع، التصور الرجعي القائل بدونية الإناث، و كان عدم إنصاف المرأة مكفولاً مؤسساتيا (لم يكن لها حتى حق التصويت)، نهض جيش اليونان الديمقراطي بالمرأة العاملة و بفتاة الريف لتتصدر التطورات السياسية التي مهدت الطريق نحو حياة أفضل. حيث أثبتت المرأة في جيش اليونان الديمقراطي بأنها كفوئة بالنضال أسوة بالرجال المناضلين ضمن الصف الواحد. و كان قد أسهم في تحقيق ذلك، العمل الإختصاصي الذي جرى في صفوف النساء ضمن جيش اليونان الديمقراطي، و الذي تمظهر عبر تأسيس"اتحاد اليونان النسائي الديمقراطي"، الذي ترأسته في البداية خريسا خاتزﯾﭬﺍسيليو  و ثم رولا كوكولو.

و كانت نساء جيش اليونان الديمقراطي تسببن الرعب في صفوف جيش الرجال البرجوازي المضاعف عديداً و المسلح على نحو أفضل. و كان الجيش "المجيد"  اليوناني - الإﻨﮔليزي - الامريكي يشعر بالذل و بتقويض روحه المعنوية، حين كسب نساء جيش اليونان الديمقراطي مع رجاله، للمعارك.  و في نفس الوقت، كانت النساء تسهمن في الميليشيا الشعبية كما و خلف خطوط العدو، عبر نثر المنشورات و بث الأخبار، وتنظيم الاحتجاجات الشعبية، كما و باعتبارهن عناصر ارتباط أو جمع المعلومات.

و أبرز جيش اليونان الديمقراطي آلاف البطلات و المقاتلات العاديات في موقع مسؤولية القائد العسكري والمفوض السياسي. و من النماذج المشرقة للمرأة المقاتلة، يستحيل تمييز إحداها، لأن تواريخ الدم و التضحية بالذات و الإيمان بالمُثل، التي تبدو منفصلة، تجتمع معاً في تاريخ واحد لآلاف الرجال والنساء الذين كرموا الحزب الشيوعي اليوناني، و جُندوا في جيش اليونان الديمقراطي و عاشوا وضحوا على نحو بطولي من أجل الشعب.
و كانت ممثلاتهن في الجبال والمدن من بطلات الحزب الشيوعي اليوناني الشهيدات المكرمات: إيريني-  ميركا ﮔﯾني، فاﻨﮔِليتسا كوسيانتزا، أثينا بينِكو، ﭬﺍﻨﮔِليو كلاذو، ماريا بوراكي، ماريا ليوذاكي، أنتزولِتا مِركوري، ذيونيسيّا غريغوراتو، إيليني إيكونومو، إيورذانا سلانديكو، غِرمانيّا باييّكو، تاسيّا كونستاندينيذو، إيليني خروني، بِريستِرا ﭬﻼخو، بوليكسيني كانونيذو، كولا إلِفثيرياذو، إيسميني سيذِروبولو، و الغجرية ماغذاليني ﭙانايوتيذو و الآلاف غيرهن.

و ضمن نضال جيش اليونان الديمقراطي، كان لا يمكن الاستغناء عن إسهام هيئة الخدمات الصحية. و هي التي كانت تفتقر في البداية حين تنظيمها إلى الأطباء والممرضين، وإلى أبسط الوسائل. حيث كانت تستخدم الملابس المستعملة والقمصان كضمادات، في حين كان القطن هو ذاك الذي قدمه أهل القرى من وسائدهم و لحفهم.
و عبر محاولة مقاتلي جيش اليونان الديمقراطي و مؤيديه، بنيت مستشفيات كان أكبرها في موقع "آسبري ﭙِترا" في جبل غرامُس كما و في منطقة ﭙﺭِﺳﭙﺲ، و في جبل تاييّغتوس، و في فيتسي و ﭙﺳﻳﺍﻨﺍ و زاغوري و ﺳﭙﻳﺍنسا و غيرها العديد من المناطق. و بنيت مهاجع حتى من جذوع الأشجار.

في الوقت نفسه، جرت مواجهة نقص طاقم التمريض، على قدر الإمكانات عبر تنظيم مدارس التمريض. حيث تخرج من كلية الإدارة الصحية المتوسطة لجيش اليونان الديمقراطي ما مجموعه 152 كادراً، عينوا برتبة ملازم في الخدمات الصحية.  بعد ذلك جرى تخريج دفعة جديدة بلغ عددها 75. كما و تخرج من مدرسة التمريض تخرج أكثر من 300 من الرجال والنساء.

و كان للأطباء و بعض طلاب الطب إسهام حاسم في تنظيم وتشغيل الخدمات الصحية لجيش اليونان الديمقراطي. و من بينهم أستاذ الطب ﭙِتروس كوكاليس والأطباء: يورغوس تزامالوكاس، نونداس ساكِلاريِّو، نيكوس كوكوليوس أو باليوراس (و هو أول طبيب في جيش اليونان الديمقراطي)، يورغوس نِذِلكوس، تاكيس سكيفتيس، ﭬاسياليس ذاذالياريس، أفغي كتينا، كيتي نيكولِتُّو- ﮔﯾزلِّي، كيتي ﭙوتيري، ﭬاسيليكي كريتسيكي، و الطالبة ﭙاترا مونا أو سبِنغو. و أيضاً كان قد اعتقل أطباء متطوعون من بلدان أخرى، مثل الطبيب الهنغاري تيبور، كما و أطباء من الجيش البرجوازي الذين انضموا لصفوف جيش اليونان الديمقراطي، مثل ﭙانايوتيس ﭙتروﭙولوس.

و كان عدد قليل من الأطباء، و بمساعدة كوادر الصحة وغيرهم، وعلى الرغم من أوجه القصور الرهيبة، وغياب كامل الظروف المناسبة التي يتطلبها إنجاز عملهم، قد سطَّر الملاحم عبر خوض نضال مستمر ضد الموت. حيث تمكنوا من علاج و إنقاذ حياة الآلاف من مقاتلي و مقاتلات جيش اليونان الديمقراطي. و على وجه الحصر في موقع غرامُس و فيتسي، كانوا قد عالجوا ما يقارب 12 ألف مقاتلاً و مقاتلة.

و كان كل ما أنجزه أطباء و ممرضو جيش اليونان الديمقراطي، نابعاً من إيمانهم بعدالة نضالهم. حيث ضحى الكثيرون، وخاصة من مسعفي الجرحى و في أغلبيتهم كُنَّ من النساء، كما و الأطباء.

من بين عشرات الآلاف من مقاتلي و مقاتلات جيش اليونان الديمقراطي، شارك ممثلو العلوم والآداب والفنون، كالأدباءَ ذيميتريس خاتزيس، فوتيس أﻨﮔولّس، يورغيس سِفاستيكوغلو، تاكيس آذاموس، يورغيس لامبرينوس، ذيميتريس راﭬانيس- رينديس، ميتسوس ألِكسانذروبولوس، ألِكسيس بارنيس، نيكوس كيتوﭙولوس، كوستاس ﭙورناراس (بوسيس)، آنثوس فيليتاس (آنثيموس خاتزيأنثيمو)، ﭬاسيليس بيغيس، نيكوس ﭙاﭙانذريو، و المؤرخ يورغوس زوييذيس، و المخرج مانوس زاخارياس، و المصور و مهندس الصورة أﭙوستولوس موسوريس، و الممثلون: يانِّيس ﭬياكيس، أندونيس يانِّيذيس، و الفنانون التشكيليون: يورغوس ذيمو و يورغوس غولاس و غيرهم.

و وقف بجانب جيش اليونان الديمقراطي و ساعده من بلدان إقامتهم في الخارج، كل من :  النحات مِمُّوس ماكريس، والأديب يورغوس أثاناسياذيس، و الأدباء: إللِّي ألِكسيُّو، بِلبو أكسيوتِّي، ثيوذوسيس بيريذيس، إللِّي لامبريذي، ثراسوس كاستاناكيس و الكثير غيرهم.

و إلى جانب جيش اليونان الديمقراطي، وقف من كل معقلٍ بما فيها: المنافي والسجون والملاحقات القضائية و غيرها: الملحن ميكيس ثيودوراكيس، و جمع من الأدباء والشعراء مثل يانيس ريتسوس، كوستاس ﭬارناليس، آﻨﮔِلوس سيكيليانوس، تاسوس  ليفاذيتيس، ثِمّوس كورناروس، كوستاس يانّوبولوس، نيكيفوروس ﭬرتّاكوس، مانوليس أناغنوستاكيس، فيكتوريا ثيوذورو، ذيذو سوتيريو، أندرياس ﻓﺭﺍﮔﯿاس، ميخاليس كاتساروس، ستراتيس ذوكاس، يورغوس كوتزيولاس، مِنِلاوس لوندِّميس، نيكوس كاروزوس، نيكوس كاﭬاذيَّاس، يورغوس ﭬالِتَّاس ، كوستاس كالاتزيس (ثِسالوس)، آلكي زيي، غالاتيِّيا كاتزانتزاكي، و النقاش أناستاسيوس تاسّوس، و التشكيليون: يورغيس فارساكيذيس، يانِّيس ستِفانيذيس، فالياس سِمِريتزيذيس، ﭬاسيليس أرماوس، ذيميتريس يولذاسيس، ثوماس مولوس، خريستوس ذاﮔليس، ﭬاسيليس ﭬلاسيذيس، ﭬاسو كاتراكي، كاتِرينا كارياتي- سيسماتي، و الموسيقي فيفوس آنوغِناكيس،  المؤلف الموسيقي ألِكّوس كسِنوس، المخرج نيكوس كونذوروس، الاستاذ الجامعي يانِّيس إيمفريوتيس، التربوية روزا إيمفريوتي، الناقد الفني ماركوس أفغِريس، و المؤرخون: يانِّيس كورذاتوس، ذيميتريس فوتياذيس، و الممثلون: مانوس كاتراكيس، ألِكّا باييزي، تزافِالاس كاروسوس، تيتوس ﭬانذيس، أسباسيّا باباثاناسيّو، أوليمبيّا ﭙاﭙاذوكا، مالِنا آنوساكي، أرغيرو ﭭوكوﭭيتس، كيتي ديرداوا تايغِتّي، نيكوس فِرماس، يورغوس يولاسيس، كوستاس بالاذيماس، و الممثلة و الأديبة زورز ساري، و مؤلف الأغاني كوستاس ﭭيرﭭوس و المؤلف الموسيقي ثوذوروس ذِرﭭِنيوتِّيس و الكثير غيرهم.

كما و  تجاوب آلاف المناضلين، أيضاً في السجون ومعسكرات الاعتقال لنداء العصر، عبر كتابة القصائد أو التعبير عن النضال الشعبي من خلال الرسم واللوحات.

و كان كفاح جيش اليونان الديمقراطي قد ألهم شعراء أجانب ذوي بعد عالمي، مثل ناظم حكمت، بابلو نيرودا و ﭙول إليوار وغيرهم.

و يلهم الآن كفاح جيش اليونان الديمقراطي الكثير، ولكنه أيضا يزعج العدو الطبقي وأولئك الذين توافقوا معه. حيث رمت الطبقة البرجوازية و المتورطون في أجهزتها الأطنان من القاذورات ضد جيش اليونان الديمقراطي.

و تقوم الطبقة البرجوازية مع رفاق دربها بالتشهير بكفاح جيش اليونان الديمقراطي و تشويهه، لأنهم يعرفون جيدا بأنه كان يمثل أعلى شكل من أشكال الكفاح، ضمن فترة كان يخاض موضوعياً، ضمنها الصراع الطبقي حول "من سيقضي على الآخر"، أي حول السلطة. إنهم يحاربون جيش اليونان الديمقراطي، لأن لهم كل مصلحة في إخفاء حقيقة مصدر كل الظلم عن أعين الشعب، و هو المتمثل في التناقض بين رأس المال و العمل المأجور.

لديهم كل المصلحة في إعاقة القوى العمالية الشعبية من أن تَعي ضرورة الاشتراكية و راهنيتها.

حيث يعاد و عن جديد إنتاج أقاويل العقود الماضية "كالتهم القائلة بأن جبهة التحرير الوطني تقاد من قبل عملاء أجانب بلغاريين" و عن "العصابات الشيوعية"، من قبل منظمة الفجر الذهبي الفاشية، التي هي جزء لا يتجزأ من النظام السياسي البرجوازي المتعفن. و يُعاد إنتاجها  مستنسخة من قبل جميع أولئك الذين يقتدون بكتائب الأمن العميلة للإحتلال وفرق الاقتحام الهتلرية، من أتباع نظرية "النقاء العرقي" العنصرية وممارسات الهجمات الإجرامية ضد الشعب و مناضليه.

و على قرب منهم يتواجد أولئك الذين يقلبون التاريخ رأساً على عقب، من خلال "إعادة النظر به" و إبراز نظرية "الطرفين" المنافية للتاريخ و العلم و المناهضة للشيوعية، و هي التي تخلص للمطابقة بين الفاشية و الشيوعية، بين هتلر و ستالين، الذي قاد كفاحاً عملاقاً لهزيمة المسخ النازي.حيث تمثل عطاء الإتحاد السوفييتي في هذا الكفاح، في 20 مليون قتيل وحوالي 10 مليون معاق وجريح.

إن أدبيات الأخطاء الزاعمة بعدم جدوى الكفاح، كما و البدعة القائلة بأن اختيار الكفاح المسلح كان مغامرة من قبل قيادة الحزب الشيوعي وشخصيا من قبل الأمين العام للجنته المركزية، نيكوس زاخارياذيس، هي عبارة عن عداء مشذب للشيوعية، و هي عناصر من مكونات الدعاية البرجوازية، التي يجري إعادة إنتاجها من قبل الانتهازية عبر مختلف تلاوينها، تجاه أسباب هزيمة جيش اليونان الديمقراطي، كما و تجاه نشاط الحزب الشيوعي اليوناني.


هذا و تتستر الانتهازية بدورها على حقيقة عنف الدولة البرجوازية، التي تتمظهر عبر التشريعات و مؤسسات السلطة وأجهزتها. و تتستر على العنف المتعدد الأشكال، المُمارس من قبل الرأسماليين ضد العمال والعاملات و المستخدمين، ضمن مواقع العمل.

حيث تُظهر هذه التموضعات، بأن أنصارها يقفون في الواقع في صالح نظرية "نهاية التاريخ" الرجعية وغير المنطقية، على الرغم من ما تم تأكيده آلاف المرات، بان التطور التاريخي محكوم بحتميات الصراع الطبقي.

إن بإمكان كل عامل وعاملة يبدئان حياتهما ضمن الغابة التي يسيطر فيها ظلم المُستغِل، أن يدركا و بإسهام من الحزب الشيوعي اليوناني، سبب وهدف هذه الهجمة الأيديولوجية التي يشنها المدافعون المباشرون و غير المباشرون عن الإستغلال الرأسمالي، و لهما المصلحة في ذلك.

إنهم يسعون لضرب الصراع الطبقي اليوم، من أجل تمرير استراتيجية رأس المال من دون مخاطر تحدق بالسلطة الرأسمالية، ، و من أجل استمرار استغلال الإنسان للإنسان. و بمعزل عن اختلافات تلاوين معارضة كفاح جيش اليونان الديمقراطي، و التشهير به و تشويهه، فإن هذه الاستراتيجية هي موحدة: أي الإبقاء على الطبقة العاملة والشرائح الشعبية عاجزة أمام عواقب التناقضات، وتفسخ و همجية الرأسمالية أو اكتفائها بخوض كفاح ذي طريق مسدود يزعم ﺒ"إصلاح" الرأسمالية.

و تعجز أية هجمة تشهيرية ومناهضة للشيوعية وانتهازية، على أن تحجب نضال الحزب الشيوعي اليوناني، و نضال جيش اليونان الديمقراطي، وشجاعته و أخلاقه. إن واجبنا هو نشر الحقيقة التاريخية، على نحو أكثر. لكي تتعرف الأجيال الشابة على خبرة كفاح جيش اليونان الديمقراطي.



[1] جيش التحرير اليوناني الشعبي، كان الجناح المسلح لجبهة التحرير الوطني ΕΑΜ.

[2]  مناطق اليونان المتواجدة تحت سيطرة جيش اليونان الديمقراطي.

 

كان جيش اليونان الديمقراطي يخوض كفاحاً ضرورياً

كان الجانب البرجوازي قد فقد الكثير من القدرة على التلاعب بالأغلبية الشعبية. و كان يحمل وصمة التعاون مع المحتلين أو الهرب من البلاد، أو وصمة الإحجام عن كفاح التحرير. و على النقيض من ذلك، فقد كان الحزب الشيوعي اليوناني، قد شكل القلب النابض لجبهة التحرير الوطنيΕΑΜ [1] و جيش التحرير اليوناني الشعبي و للكفاح الشعبي المسلح خلال سنوات الاحتلال، و كان الحزب قد كسب بجانبه الغالبية الشعبية العظمى. حيث كان قد تغير و على نوح موضوعي، ميزان القوى بين الطبقتين الرئيسيتين الخصمتين، أي بين الطبقة البرجوازية والطبقة العاملة مع الشرائح الشعبية.

هذا و لم يقدم انحباس الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني و جيش التحرير اليوناني الشعبي ، الناجم عن انضمامهما لغرفة قيادة العمليات البريطانية في الشرق الأوسط (1943) و إلى اتفاقيتي لبنان و كازيرتا[2]، كما و الهزيمة المسجلة في كانون الأول/ديسمبر (1944)، إلى القوى البرجوازية التغيير المرجو في ميزان القوى لصالحها، و ذلك على الرغم من عملية إعادة التشكيل النسبية الحاصلة للدولة البرجوازية بعد كانون الأول/ديسمبر 1944، و هي التي تعود في أساسها إلى دعم بريطانيا العظمى.

فبعد التحرير تفاقمت موضوعياً المواجهة المسلحة الطبقية القاسية، التي كانت ستقود إما إلى إسقاط السلطة البرجوازية، مع عزل دعائمها الخارجية، أو إلى هزيمة القوى الشعبية، وعزل الحزب الشيوعي اليوناني و إعادة ترسيخ السلطة البرجوازية.

و نظراً لكل هذه الأسباب المدرجة أعلاه، يكون باطلاً ذاك الزعم الرائج حتى اليوم و القائل بأنه لو كانت السلطة  البرجوازية قد امتثلت لاتفاق ﭬاركيزا، لكان من الممكن في الأساس وجود تطور ديمقراطي سلس في اليونان.

كما و باطل و خبيث أيضاً هو الإدعاء، المستهدف حصراً  للحزب الشيوعي اليوناني، و هو ذاك الذي يفترض وجود فائدة للحزب الشيوعي اليوناني و للشعب لو كان الحزب قد شارك الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 31 آذار/مارس 1946.

فقد شكَّل كل من اضطهاد و ملاحقة الآلاف من أعضاء جبهة التحرير الوطني و جيش التحرير الشعبي، الذي أجبرهم للجوء إلى الجبال و أجبر غيرهم على الفرار كلاجئين سياسيين (في بولكِس[3] و غيرها)، وتبرئة الكتائب الأمنية و كافة المنظمات المتعاونة مع الإحتلال و دمجها العضوي في الأجهزة المسلحة والإدارية للدولة، كما وحضور الآلاف من عناصر الجيش البريطاني في اليونان، حتى بعد عام 1945، كلها معاً، مقدمات من أجل إعادة التشكيل و البناء الرأسماليين، وإعادة البناء بعد الدمار الكبير الناجم عن الحرب، والسوق "السوداء" وغيرها من العواقب.

فبعد ثلاثة عشر شهراً على توقيع اتفاق ﭬاركيزا، كان الوضع قد تطور على حساب حركة جبهة التحرير الوطني، على النحو التالي: 1289 عملية قتل، و6671 إصابات، 31.632 عملية تعذيب، 18.767 عمليات نهب و سجن، 84931 عملية اعتقال،  509 محاولات قتل و265 عملية اغتصاب نساء.

حيث كانت قد تفشت عربدة عصابات سورلاس وكاتسارياس و مانغاناس و تساوس و أندون، و عصابة "X"  و العشرات غيرها في جميع أنحاء اليونان، من أعوان الإحتلال و القتلة المأجورين، المتواجدين تحت حماية  الأحزاب السياسية البرجوازية و أجهزة الدولة و الجيش البريطاني.

حيث في ظل هذه الظروف، و عِبر سجل انتخابي مزور، أجريت انتخابات 31 آذار/مارس 1946.

و في حال حدوثها، لكانت مشاركة الحزب الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني في انتخابات 1946، قد شكَّلت شرعنة للوضع المتغول و المناهض للشعب، و لزرعت أوهاماً قائلة بأنه من الممكن و من خلال الانتخابات، إسقاط الاستراتيجية المُقرَّة سلفاً من قبل القوى الرأسمالية المحلية والأجنبية، التي تنص على سحق الحزب الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني، و لَقَضَت على الحركة الشعبية دون قتال.

وفي التوازي مع ذلك، فبعد الانتخابات التي أجريت بتاريخ 31 آذار/مارس 1946 والاستفتاء المزور الذي أجري في 1 أيلول/سبتمبر 1946 حول عودة الملك، أجري تحصين القمع الممارس من قبل الدولة عبر القرار Γ (لعام 1947)، و القانون 509/1947  "حول نشر الأفكار المتضمنة هدف إسقاط النظام الاجتماعي القائم" وغيرها.

و في مواجهة معضلة :"الخضوع أم تنظيم النضال والهجوم المضاد" اختارت الحركة الشعبية الطريق الثاني.

حيث أثبت جيش اليونان الديمقراطي بأن أخطاء الحزب الشيوعي اليوناني لم تنجم عن امتلاكه لنية توافق و اندماج. إن جيش اليونان الديمقراطي هو الدليل الأكثر قطعاً على أن التناقضات الاجتماعية لا يمكن أن تُحشر ضمن بدعة ما يسمى ﺒ"وحدة الروح القومية" وإلغاء الخطوط الطبقية الفاصلة. إن جيش اليونان الديمقراطي  حفظ شرف الشعب والحزب الشيوعي اليوناني.

كان كفاح جيش اليونان الديمقراطي أممياً. لقد أتم الحزب الشيوعي اليوناني، في ظل الظروف التي صاغها خطاب تشرشل في فولتون حول  "الستار الحديدي" (آذار/مارس 1946)، و نهج ترومان (1947)، وخطة مارشال (1947) و تأسيس منظمة حلف شمال الأطلسي (نيسان/أبريل 1949)، و لمرة أخرى، واجبه الأممي على وجه التمام تجاه الطبقة العاملة والأحزاب الشيوعية الأخرى، مع تقديمه لتضحيات جسام و أسلوب وحيد من نوعه في الفضاء الأوروبي الرأسمالي.

و يثبت الإسهام الأممي الكبير للحزب الشيوعي اليوناني و جيش اليونان الديمقراطي، فقط من واقعة أنهما أجبرا اثنتين من أعتى القوى الامبريالية، أي بريطانيا العظمى والولايات المتحدة على تركيز انتباههما الفاعل على الحركة الشعبية المسلحة في اليونان، و على تمويل الطبقة البرجوازية المحلية لتقف على قدميها و للتورط على نحو مسيطر في شؤونها السيادية والإدارية والسياسية، من أجل تحصين دولتها.

لقد عمل جيش اليونان الديمقراطي بمثابة درع للجمهوريات الشعبية في ألبانيا ويوغوسلافيا وبلغاريا ورومانيا في سنوات 1946-1949 الحاسمة.

حيث وقف الحزب الشيوعي لعموم اتحاد البلاشفة (الشيوعي السوفييتي)، و غيره من الأحزاب الشيوعية إلى جانب الحزب الشيوعي اليوناني، وساعدوا كفاح جيش اليونان الديمقراطي عبر سبل عديدة، كما و عبر مواجهة الآثار المترتبة على الانسحاب المنظم لقواته بعد معركة غرامُس الأخيرة. حيث استقبلت هذه الأحزاب واستضافت 25 ألفاً من الأطفال (الذين أنقذوا حرفيا من الجوع والقصف و من "مآوي الأحداث" التي أقامتها الملكة فرذريكي). و بعد ذلك استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين السياسيين، الذين لاقوا في بلدان البناء الاشتراكي، ضيافة دافئة، و عملاً و تعليماً و ثقافة، و أماناً لأنفسهم وللأجيال اللاحقة من اللاجئين السياسيين.

هذا و مهمٌ كان التضامن الأممي مع جيش اليونان الديمقراطي، الذي طورته قوى الحركة العمالية الشعبية و الشيوعية في البلدان الرأسمالية. حيث تمثل أحد  العديد من تعابيرها في زيارة الوفد الفرنسي إلى اليونان المحررة إلى مقر القيادة العامة لجيش اليونان الديمقراطي عام 1949، و هو الذي  تضمن الشاعر الكبير ﭙول إليوار .


وكانت هذه الأفعال تعبيرا عن التضامن والدعم الأممي، على الرغم من حقيقة تدرجاتها بين الأحزاب الشيوعية.

لقد تأسس، و تطور و نشط جيش اليونان الديمقراطي، على الفور بعد الحرب العالمية الثانية، التي ترافقت نهايتها مع تحول في تشكيل التحالفات الرأسمالية الدولية. وعلى الرغم من التغير الكبير في ميزان القوى العالمي في أوروبا وآسيا في صالح القوى الشيوعية، فقد بقي ميزان القوى لصالح الرأسمالية و بؤرتها الولايات المتحدة. حتى أن الرأسمالية عززت من موقعها، عبر الإنتقال نحو مرحلة إعادة الإعمار، وإعلان "الحرب الباردة" و محاولة التسبب بتآكل الأحزاب الشيوعية المتواجدة في السلطة.

و في ظل هذه الظروف، لم تحافظ الحركة الشيوعية الأممية، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي والأحزاب الشيوعية للبناء الاشتراكي، على ذات الموقف طيلة فترة كفاح جيش اليونان الديمقراطي، من ناحية تعميم الكفاح المسلح في اليونان.

حيث كان الموقف المتباين للأحزاب الشيوعية المتواجدة في السلطة، متعلقاً بكيفية تقديرها لنوايا و مخططات حلفائها السابقين في الحرب العالمية الثانية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، تجاه السلطات العمالية الشعبية القيد الصياغة في بلدان البلقان وغيرها من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية.

فقد اعتقدت في البداية، بأن تعميم الكفاح المسلح في اليونان، من المحتمل أن يشكل ذريعة لوقوع صراع عالمي، كانت تسعى لمنع وقوعه. و بعد تمظهر التشدد الأبعد في مواقف الولايات المتحدة، عبر نهج ترومان وخطة مارشال، امتلك تعميم الكفاح المسلح في اليونان موافقة هذه الأحزاب، ولكن دون أن يترافق ذلك مع منح المساعدة المناسبة.
هذا و ستضاء مسألة موقف الحركة الشيوعية الأممية تجاه جيش اليونان الديمقراطي، بشكل كامل حين الوصول إلى المواد الأرشيفية اللازمة والغير معروفة حتى الآن.

و لم يجد احتدام الصراع الطبقي على المستوى الأممي، الحركة الشيوعية الأممية مستعدة أيديولوجياً و سياسياً و تنظيمياً، و بالإضافة لذلك، كان يجري في صفوفها صراع شديد.

و لا تشكل واقعة انتزاع  ثمانية بلدان من النظام الإمبريالي بعد عام 1945 (بلغاريا، رومانيا وألبانيا وبولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا، جمهورية ألمانيا الديمقراطية، يوغوسلافيا) تأكيداً لصوابية استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية. حيث كان الثقل هناك متمثلاً بالدور التحريري الحاسم للجيش الأحمر بعد الحرب العالمية الثانية، و بالتعزيز الأشمل لدور الاتحاد السوفييتي.

و استمر التعبير عن تناقضات استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية، التي تمظهرت خلال الحرب العالمية الثانية قائماً، ولا سيما في البلدان حيث تواجدت أحزاب شيوعية في السلطة أو في كفاح من أجل السلطة.  و تمثل أولها في عدم تقييم الحرب العالمية الثانية كإمبريالية من كلا جانبي الدول الرأسمالية المتحاربة، و لم يكن قد أعلن الصراع من أجل إنهاء الحرب عبر الظفر بالسلطة العمالية، باعتباره هدفاً استراتيجياً مشتركاً.

حيث تواجد كفاح جيش اليونان الديمقراطي، في ذلك الوقت تحت تأثير تناقضات ونقاط ضعف استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية، أي و الحزب الشيوعي اليوناني، حكماً. و لم يتمكن حزبنا من استخلاص الاستنتاجات الصحيحة من مسار حركة جبهة التحرير الوطني (اتفاقيات لبنان و كازيرتا، و سياسة "الوحدة الوطنية") و من أحداث كانون الأول/ ديسمبر 1944. حيث كان الحكم السياسي، المسمى "دولة الشعب" و المتواجد في برنامج الحزب الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني، كحكم انتقالي نحو الاشتراكية، هو عبارة عن أوتوبيِّا.

و على الرغم من كل هذا، فقد كانت هناك إمكانية لانتصار جيش اليونان الديمقراطي، بشرط قيام الحزب الشيوعي اليوناني إجراء التغيير الضروري في استراتيجيته عام 1946، و تنظيم الكفاح الشعبي المسلح بحزم، مع التركيز على المدن الكبيرة (أثينا، بيرياس، ثِسالونيكي وغيرها).  حيث لم يكن الجيش البرجوازي عام 1946، قد أعاد انتظامه بعد، و كان محتوياً ضمن صفوفه على العديد من القوى المنظمة للحزب الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني. و كان لا يزال الآلاف من الشيوعيين و أعضاء جبهة التحرير الوطني أحراراً خلال ذات الفترة، و كانت الدولة البرجوازية لم تقم بعد بتهجير سكان القرى.

ومع ذلك، و على الرغم من أن موقف قيادة الحزب الشيوعي اليوناني، لم يتطابق مع موقف الحركة الشيوعية الأممية (ستالين، ديميتروف و سواهما) لصالح اشتراك جبهة التحرير الوطني في انتخابات عام 1946، فهي لم تتقدم على نحو ناجز و حازم في تنظيم الإنتفاضة المسلحة المعممة.

و من ثم، و بعد أن اتضحت للحزب الشيوعي اليوناني، استحالة بقاء الكفاح المسلح كوسيلة ضغط ثانوية من أجل تحقيق "تطور ديمقراطي سلس" (أمر أكدته الوقائع)، حاول الحزب تسريع وتيرة تعميم الكفاح المسلح. ومع ذلك، فقد كان الوقت يمضي على حساب المواجهة النهائية، و نجاعة جيش اليونان الديمقراطي. حيث كان لمشكلة إمدادات جيش اليونان الديمقراطي، وقعها الحاسم.

و بعد سبعين عاما على ذلك، يسعى النظام السياسي البرجوازي لإعادة صياغة نفسه، من أجل إعاقة عملية تجذير الشعب، و نزع فتيل سخطه الناجم عن الحرب الجارية ضد حاجاته و مكاسبه، هي الحرب التي تشنها الطبقة الرأسمالية و سلطتها، والاتحاد الأوروبي النظام السياسي البرجوازي وحكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين، التي تتحرك على خط سالفاتها من حكومات حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك.

إن التاريخ يعلِّمنا استحالة وجود حكومة مؤيدة للشعب، أيا كان اسمها، و أياً يكن الحزب المشارك بها، ما دامت السلطة السياسية، و وسائل الإنتاج وكل الثروة التي تنتجها الطبقة العاملة، متواجدة في أيدي الرأسماليين، و ما دامت اليونان تشارك في اتحادات إمبريالية، في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

إن الحزب الشيوعي اليوناني، كحزب ذي خبرة و مستخلص للعبر، يطمح في أن يغدو منارة للمواجهة الطبقية الجديدة الظافرة بالنصر، و هو قادر على ذلك، من أجل الاشتراكية، التي هي ضرورة  راهنية و واقعية.


أثينا، شباط/فبراير 2016

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني



[1]  جبهة التحرير الوطني ΕΑΜ ، تأسست بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني، في 27 أيلول/سبتمبر 1941 في أثينا المحتلة حينها.

[2] ملاحظة للمترجم: يقول تقدير الحزب الشيوعي اليوناني اليوم، بأن الحزب و جبهة التحرير الوطني أقدما على تراجعات غير مقبولة أمام الطبقة البرجوازية و الإمبرياليين البريطانيين، عبر  اتفاقيتي : لبنان و ﭬاركيزا، تحت إسم "الوحدة الوطنية" مما أدى إلى عدم تشكُّل المقدمات الذاتية التي كانت ستسهم إلى جانب عوامل أخرى في انتصار القوى العمالية الشعبية، بعد طرد الفاشيين الألمان.

[3]  الموجودة في يوغوسلافيا حينها.