روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

مقالٌ لِقسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني

عن منتدى موسكو الدولي المناهض للفاشية

أقيمَ في موسكو بتاريخ 23 نيسان\أبريل المنتدى الدولي المناهض للفاشية، الذي نظمه الحزب الشيوعي للاتحاد الروسي، بدعم من الحكومة والرئاسة الروسية، وفقاً لما ذكره الحزب.

وفقاً لبيانات المنتدى، شارك فيه 450 مندوباً من 91 بلد، يمثلون 164 منظمة. و بالتأكيد، لم ينشر المنظمون حتى الآن قائمة المنظمات المشاركة. و في القائمة الأولية التي وصلت إلى أيدينا، مُثِّلت اليونان بوفد من الفرع اليوناني لما يسمى بالمنصة العالمية المناهضة للإمبريالية، والذي يتكون من شخصين... من كوريا الجنوبية (!)، بالإضافة إلى امرأة يونانية، والتي مثلت الفرع اليوناني لما يسمى أيضاً "الجبهة الأممية المناهضة للإمبريالية" الغير مرئية. ولأسباب محددة سنتناولها لاحقاً، لم يشارك الحزب الشيوعي اليوناني في هذا الحدث ولم يرسل رسالة إليه، كما يشاع زوراً. و مع ذلك، لا تنتهي الهزليات كما يبدو عند تمثيل اليونان. فمن الموصوف هو أن تمثيل تركيا جرى أيضاً على ما يبدو  بحزب "وطن" القومي، ذي الأصول الماوية السابقة، والذي يدعم الآن علناً الرئيس التركي الحالي، رجب طيب إردوغان، من مواقف مزعومة "معادية للإمبريالية" و هو الحزب  الذي تربطه "ألسنة شريرة" بنحو مباشر مع هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

وبناء على ما تقدم، ينبغي أن نضع نقطة على السطر هنا. حتى لا نرهق القارئ بنحو أكثر. و على الرغم من ذلك، فإننا لا نستطيع أن نشكك بواقعة مشاركة أحزاب شيوعية و عمالية (أيضاً) في اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية. و غير ذلك، فقد كنَّا في الماضي قد بينَّا خوضَ اصطراعُ شديد بشأن مسائل سياسية و أيديولوجية عديدة و هامة، ضمن اللقاءات اﻷممية للأحزاب الشيوعية و العمالية التي يشارك بها الحزب الشيوعي اليوناني.  إن هذا هو سبب اعتقادنا أن من المنطقي انشغالنا بنحو أكثر بالمنتدى الدولي اﻠ2 لمناهضة الفاشية.

على طريق اختبرت إشكالياته

 أقيم المنتدى الدولي اﻷول لمناهضة الفاشية قبل عامين في مينسك، وكما كان الحال آنذاك فإن موضوعه الآن هو "الصراع ضد الفاشية". و غير ذلك، فإن هذا يتضح من عنوان المنتدى، وكذلك من تصريحات رئيس الحزب الشيوعي للاتحاد الروسي، غينادي زيوغانوف، الذي سجَّل أن المنتدى الدولي الثاني لمناهضة الفاشية يغرضُ إلى توحيد جميع القوى "اليسارية" و"التقدمية" و"الوطنية" في العالم ضد خطر الفاشية و إلى الدفاع عما يسمى "العالم الروسي"، الذي يشكِّلُ أحد "العقائد" الأساسية للسياسة الخارجية الروسية الحالية لتبرير أعمالها التدخلية في الخارج.

و في الحاصل فإننا نرى في الممارسة العملية، أن باسم النية الإيجابية، أي مكافحة الفاشية، يتم تفضيل الخط المُجرب والمأزقي المتمثل في تشكيل "جبهات مناهضة للفاشية"، بل و في تحالف مع قوى وحكومات برجوازية تشارك علانية في نهب الشعوب وفي إعادة اقتسامِ العالم، الجاري من خلال وسائل سياسية و عسكرية. إنها سياسة تحالفات تفتت استراتيجية الحزب الشيوعي بشأن التغيير الثوري للمجتمع، وعلاوة على ذلك، تغسل و تُبيِّضُ مسؤوليات القوى البرجوازية، التي تدعم الرأسمالية في الممارسة العملية، و هي القوى التي يجري تقديمها من خلال "جبهات" على أنها "تقدمية" و"وطنية" و"معادية للفاشية".

فلنتذكر أن بريخت كتب أن: « بغير اﻹمكان محاربة الفاشية، إلا باعتبارها رأسمالية في أشد صيغها فجاجة و اضطهاداً، كرأسمالية أشد وقاحة و خداعاً. فكيف يمكن إذن لأحد مناهضي الفاشية أن يقول الحقيقة عن الفاشية عندما لا يريد أن يقول أي شيء عن الرأسمالية التي تسببها؟».

نظرةٌ بعينٍ واحدة

يسلط النداء الذي شكَّل الوثيقة النهائية للمنتدى الدولي لمناهضة الفاشية الضوء على مسؤوليات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، التي دعمت قوى فاشية من أجل الترويج لخططها في كل من أوكرانيا ودول البلطيق.

لكن هذه الملاحظة الصحيحة تظل ركيكة ومنحازة عندما تتستَّرُ عن مسؤوليات الطبقة البرجوازية الروسية في تطوير الرؤى الفاشية.

 حيث لن يكون في نص النداء شيء عن:

         ·            "إشباع" التلاميذ في مدارس روسيا بسم العداء الشيوعية، كمثال الترويج لرؤى سولجينتسين المناهض المعروف للسوفييت، و الذي كان قد برر تعاون الروس مع النازيين، و أبدى إعجابهُ بفرانكو وأيَّدَ بينوشيه.

         ·            امتلاء وسائل الإعلام الروسية العامة والخاصة بالعداء للشيوعية، حيث يتم تقديم انتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا الفاشية على أنه إنجاز تم تحقيقه من دون نشاط الحزب البلشفي، وفي بعض الأحيان على الرغم من إرادة الحزب.

         ·            واقعة توصية القيادة الروسية علناً للشباب بدراسة أعمال إيفان إيلين، المُنظِّر الروسي للفاشية، في حين تم افتتاح كلية على شرفه في جامعة عامة مركزية في موسكو، يُديرها الفيلسوف القومي شبه الفاشي، ألكسندر دوغين.

         ·            كون إحدى الذرائع الرئيسية التي استخدمتها الحكومة الروسية في بداية الحرب، زعمها بأنها ستقوم بهذا النحو  بتصحيح تشوهات سياسة لينين والاتحاد السوفييتي تجاه أوكرانيا، وتحقيق "إلغاء فعلي للشيوعية"، مع منحها زخماً لأعداء الشيوعية في كل مكان.

         ·            أن إحياء الأفكار الفاشية في أوكرانيا، الذي لم يكن مسرحية ذات مشهد واحد، بل استمرت لسنوات مع تغذية آراء غوبلز بشأن "الإبادة الجماعية"، و كان لها أيضاً "دعمٌ مادي" من جانب البرجوازية الروسية، لأن  الميزانية الأوكرانية كانت قد استفادت في الفترة 1991-2013 (أي الفترة التي ترسخت فيها الأفكار الفاشية هناك) بما يقاربُ 250 مليار دولار بفضل القروض التفضيلية التي قدمتها روسيا و بفضل الأسعار الخاصة للطاقة الروسية.

إعادة تدوير "الفاشية القابلة للتصدير"

على العكس من ذلك، يجدُ المرء في وثائق المنتدى الدولي  لمناهضة الفاشية محاولة لإحياء معالجات خاطئة للكومنترن – وفق رأينا – و هي التي تفرزُ الدول البرجوازية إلى "فاشية" و"ديمقراطية"، حالها حالُ التعريف الإشكالي الذي قدمه غيورغي ديميتروف بشأن الفاشية في المؤتمر اﻟ7 للكومنترن بأنها «(...) دكتاتورية إرهابية علنية لأكثر العناصر رجعية وشوفينية وإمبريالية للرأس المال المالي». وعلى هذا الأساس تُسترجعُ وجهات نظر خاطئة حول "تصدير" الفاشية إلى بلدانٍ أخرى من بلدان فاشية أو شبه فاشية، وفي الممارسة العملية يتم الترويج لدعم قوى برجوازية وحتى لدول الرأسمالية التي تتذرَّعُ مناهضتها للفاشية.

إن تقييم الحزب الشيوعي اليوناني يقول: « إن المؤتمر اﻠ7 للأممية الشيوعية كان قد فصل في توجيهاته بنحو مطلق "سلطة" رأس المال المالي عن مصالح رأس المال الصناعي. و بنحو مقابل، قام أيضًا بفرز الدول الرأسمالية بنحو مطلق إلى دول فاشية و دول ديمقراطية. و كتبعةٍ لهذا الفرز جرت أدلجةُُ تحالف الحركة العمالية والشيوعية مع قطاع من القوى والدول البرجوازية، وأُضعفت الجهوزيةُ الطبقية ضد الطبقة المُواجِهة».

إن قيام البعض اليوم باسترجاع هذا التعريف للفاشية بنحو انتقائي، يجري مع تجاهلهم واقعة اعتماد الأممية الشيوعية تعريفاً مختلفاً  للفاشية، في برنامجها الصادر عام (1928)، حيث سجَّلت في سياقه:  «يتخِّذُ مسار العدوان البرجوازي والإمبريالي والرجعي في ظروف تاريخية محددة، شكل الفاشية»، في حين تم تقديم خصائص الفاشية بالتفصيل في القرار المعتمد بشأن الوضع الدولي في المؤتمر اﻠ6 للأممية الشيوعية (1928).

كما و يجري تجاهل واقعة أن التعريف الشهير الذي قدمه ديميتروف عام 1935، كان قد اعتُمدَ في ظروف تاريخية مختلفة، عندما كانت القوى الإمبريالية تخطط للقضاءِ على الدولة الاشتراكية الوحيدة في العالم، بينما سعى الاتحاد السوفييتي من جانبه إلى إيجاد تصدعات لدى القوى اﻹمبريالية لكي يستفيد من تناقضاتها. إن هذا التعريف يُؤخّذ من الظروف التاريخية التي "ولدته" و يُسعى إلى نقله بنحو آلي وغير علمي إلى الظروف الحالية، حيث ما من وجودٍ للاتحاد السوفييتي، في حين أن الوضع الذي نشأ في كل من روسيا والصين لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع مبادئ الاشتراكية. فالصين هي قوة عظمى رأسمالية، تزاحمُ  الولايات المتحدة على الصدارة في النظام الإمبريالي العالمي.

يكشفُ الشيوعيون عن سائر صنوف ذرائع الإمبرياليين

و أخيرا، لا يسعنا إلا أن نعلق على واقعة انعقاد المنتدى الدولي المحدد المناهض للفاشية في موسكو - في الوقت الذي تُخاَضُ فيه الحرب الإمبريالية في أوكرانيا – أي في عاصمة دولة رأسمالية، تتورَّط  قيادتها علانية في الحرب متذرِّعة بمناهضة الفاشية من أجل إخفاء الأسباب الفعلية للحرب عن الشعوب، و هي اﻷسبابُ الكامنة في كيفية توزيع الأراضي الخصبة، والأتربة النادرة، والطاقة، وخطوط الأنابيب، والموانئ، والمناطق الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود، وحصص الأسواق، وما إلى ذلك.

إن رئيس روسيا فلاديمير بوتين، الذي كان هذه الأيام يتبادل المجاملات مع "فاشيي" حكومة الولايات المتحدة وفق كلام آخر، و يتقاسم معهم أراضي أوكرانيا، قام بتقديم تحية حارة إلى أعمال هذا المنتدى، مشيرا إلى اصطفاف منظمي المنتدى الدولي لمناهضة الفاشية خلف الأهداف الإمبريالية للطبقة البرجوازية الروسية، مُبدداً بذلك أية شكوك أخيرة قد تكون لدى شخص ما بشأن الأهداف الفعلية للمنتدى الدولي لمناهضة الفاشية باسم النضال ضد الفاشية.

دعونا لا ننسى أن إذا ما كانت كتيبة آزوف النازية الجديدة تقاتل على الجانب الأوكراني، والتي يقدمها زعماء الاتحاد الأوروبي على أنها مدافعة عن الحرية والديمقراطية، فعلى الجانب الروسي أيضاً، تقاتلُ بين زمر أخرى، جماعات نازية جديدة ﻛ"روسيش" و"الفيلق الإمبراطوري الروسي" و ما شاكلها، وهي التي تقدم نفسها على أنها مدافعة عن قيم "العالم الروسي".

و مع دنو يوم 9 أيار\مايو، حيث سنكرِّمُ الذكرى اﻟ80 لسحق النازية على يد الاتحاد السوفييتي والجيش الأحمر و حركات المقاومة المسلحة، سندافع نحنُ الشيوعيون عن الحقيقة التاريخية و على حد السواء ضد القوى البرجوازية التي تعمل على إسكاتها أو إعادة كتابتها، أو ضد أولئك الذين يشوهونها أو يسعون إلى المتاجرة بها.

سندافع عن ضرورة الاستقلالية التنظيمية والسياسية والأيديولوجية للحركة الشيوعية، مُتصدِّين لمحاولات دمجها في الخطط الإمبريالية لهذا الطرف أم غيره من طرفي الصدام الإمبريالي البيني. سواء ما إذا كان هذا الدمج جارياً بذريعة مناهضة الفاشية، التي تفضلها القيادة الروسية، أو تحت ذريعة "الحرية" و"الديمقراطية"، التي يفضلها الجانب الأوروأطلسي.

إن المَنفذ بالنسبة للشعب يتواجدُ في التحالف المناهض للرأسمالية، الذي سيكافح ضد السياسة المناهضة للشعب و سينهي بربرية الرأسمالية والحروب والأزمات والتحالفات الإمبريالية والاستغلال والفقر والبطالة والاضطهاد، من أجل إحقاق نضالات وتضحيات الأجيال السالفة، و فتح الطريق من أجل تحقيق أحلام وحاجات الشعب المعاصرة عبر السلطة العمالية الشعبية، الاشتراكية - الشيوعية!

 

06.05.2025